"الموهبة الكروية".. هبة من عند الله سبحانه وتعالى، وعلى مدار التاريخالكروى المصرى شهدت الملاعب العديد من المواهب, لكن أصحابها لم يستغلونهالأسباب غير واضحة المعالم, وكان عدد قليل يعد على أصابع اليد الواحدة همالذين تمكنوا من تسطير أسمائهم بـ"أحرف من ذهب" فى عالم الشهرة والنجومية،فقد يكون الالتزام من عدمه له شأن فى اختفاء وبزوغ نجومية لاعبى الكرةالأفذاذ، لكن إذا غوصنا فى بواطن الأمور ودرسنا العوامل النفسية والبيئةالمحيطة بهؤلاء اللاعبين من الممكن اكتشاف حقائق قد يكون لها العاملالأبرز فى هذا الاتجاه.
نحن اليوم أمام أكثر موهبتين فى العصر الحديث تأثيراً فى الشارع الكروىالمصرى بين جماهيرى الأهلى والزمالك "القطبين الكبار".. وهما محمد أبوتريكة نجم وحامل لواء بطولات "القلعة الحمراء" ومنتخبنا الوطنى فى السنواتالـ5 الأخيرة، ومحمود عبد الرازق "شيكابالا" نجم نجوم "القلعة البيضاء"،الذى تنتظر الجماهير الزملكاوية منه الكثير ليقدمه لناديه.
أبو تريكة.. الجميع يكاد يُجمع على أنه موهبة فذة معجونة بأخلاق عالية منالصعب تكرارها فى الملاعب, ويستحق الألقاب الكثيرة التى أطلقتها عليهالجماهير مثل: المبدع.. زيدان العرب.. خليفة الخطيب.. تاجر السعادة..القاتل المبتسم.. أمير الدهاء.. معشوق الجماهير.. خاصة أنه فى سنوات قليلةبعد انضمامه للنادى الأهلى، انطلق بسرعة الصاروخ نحو عالم النجومية,محطماً العديد من الأرقام القياسية ومحققاً كل الطموحات والأحلام الكروية،التى كانت تراوده، ليصبح نجماً لامعاً فى سماء كرة القدم المصرية والعربيةوالأفريقية.
لكن دعونا نختلف مع وصف البعض بأن أبو تريكة "قديس" ويجب أن تكون جميعلمساته داخل المستطيل الأخضر محسوبة أو أى تصريح عن لسانه لوسائل الإعلاميجب أن يكون محسوباً، فإذا وجدناه مثلاً يطالب بالحصول على ضربة جزاء فىأحد المباريات وكانت غير صحيحة، نجد أسهم الاتهامات توجه له من جميعالاتجاهات وتتردد نغمة كيف يدعى "القديس" التمثيل؟.. وحينما وجدناه يتحدثعن فريقه بعد المشاركة فى آخر مونديال الأندية وتلفظ بالمقولة الشهيرة"القافلة تسير..............."، فى رد منه على فرحة البعض فى خروج ناديه"صفر اليدين" من المونديال، بالرغم من أنه يمثل مصر فى هذه البطولة، أيضاًوجدنا الاتهامات تطارده فى الاتجاهات، أهذا هو القديس، فهذا خطأ شائع لأنأبو تريكة مثله مثل العديد من المصريين رجل متدين فى حياته وليس قديساً،فيجب التفريق بين هذا وذاك.
حتى جاء التصريح الأخير لـ"أبو تريكة" بعد مباراة المنتخب الوطنى أمامنظيره الأسترالى بأنه لا يشعر بالراحة النفسية فى الفترة الحالية، وأنه لايشعر نفسياً بالراحة فى سوى فى فترة وجوده مع حسن شحاتة المدير الفنىللمنتخب، والبرتغالى مانويل جوزيه المدير الفنى السابق للأهلى، مؤكداً فىالوقت ذاته أنه يكن كل الاحترام لحسام البدرى المدير الفنى الحالى للقافلةالحمراء، إلا أن هذا التصريح لم يمر مرور الكرام كالعادة، وبدأ صائدو"الماء العكر" يرمون شباكهم ويرددون كيف يهاجم القديس مديره الفنى علناًهكذا، وكأنه عيب أن يخرج النجم المحبوب ليعبر عما يجول بداخله.
شيكابالا.. لا خلاف عليه بأنه أهم موهبة على الساحة الكروية فى مصرحالياً، ويستحق أن يكون فى مكانة غير التى يتواجد عليها، وبعيداً عنالاتهامات التى تطوله بأنه متمرد على منتخبنا الوطنى، وليس له انتماءمثلما خرجت العديد من الأقلام الصحفية وتصريحات حسن شحاتة التى يشوبهاالاتهام له بالهروب من مباراة أستراليا، فيجب أن يعى حجم الموهبة التىأعطاها الله إياها، وأن يستفاد بها فى الطريق الصحيح، والبعد عن أصحابالمصالح الذاتية، دون النظر لمصلحته ومصلحة منتخب بلاده، إذا كان أحديحرضه فعلياً على الابتعاد عن الانضمام للمنتخب مثلما يردد البعض.
فى الوقت نفسه، يجب أن يتعامل حسن شحاتة مع شيكابالا بوصفه أحد أبنائهالكرويين، ويعقد جلسة أبوية معه لمعرفة طموحاته واحتياجاته، فيجب على مديرفنى لأكبر المنتخبات الأفريقية أن يعرف العوامل النفسية لجميع لاعبيه منأجل إعدادهم وتهيئتهم لتقديم أفضل ما لديهم، ولا يقتصر الأمر عند بعضاللاعبين فقط، وإذا ثبت حقيقة تهرب شيكابالا.. يجب معاقبته، هذا أمر ليسعليه خلاف، لكن لابد ألا يصل الأمر إلى ذبحه كروياً، ففى النهاية هو ليس"شيطاناً"، فهو أحد مواهبنا الكروية المنتظر منها الكثير، خاصة أنه مازالفى ريعان شبابه.